دروس صيف عام 1427هـ

الدرس الثامن

تحميل الدرس PDF

 

الدرس الثامن

خطر السحر

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبده ورسوله الصادق الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين                                                                                          أما بعد

فإن السحر من الأمور المحرمة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد ورد التحذير منها في عدة آيات من القرآن الكريم ، وللأسف فإنها اليوم قد تفشت في كثير من المجتمعات – إلا من رحم الله .

فقد بين الله تعالى أنها من فعل الشياطين ، وبين جل وعلا أن تعاطيها وتعلمها كفر {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} (1) .

وبين سبحانه وتعالى أن متعاطي السحر لا خلاق له في الآخرة : {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ } .

وبين تبارك وتعالى أن متعاطي السحر لا يفلح : { وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (2) .

وهذه المسألة الخطيرة والذنب الكبير قد انتشر في الناس اليوم ولذلك أسباب :

  • قلة الدين .
  • قلة الخوف من الله تعالى .
  • ضعف البصيرة .
  • الحرص على الدنيا .
  • الحرص على الانتصار للنفس .

فإذا استولت هذه الأمور وغيرها من الأمور المهلكة على العبد فقد استحكمت عليه الخسارة في الدنيا والآخرة ، والسالم من سلّمه الله عز وجل .

والذي ينبغي على الدعاة كثرة التحذير منها لشدة خطرها ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( اجتنبوا السبع الموبقات )) . قالوا : يا رسول الله ، وما هن ؟ قال : (( الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا وأكل مال اليتيم ، والتَّوَلَّي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات )) (1) .

وقد عَدّ شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله – السحر من نواقض الإسلام تعلماً وتعليماً وأخذاً وعطاءً ، ومنه الصرف والعطف .

 

والصرف : أن يأتي إلى متحابين فيفرق بينهما .

والعطف : أن يأتي إلى متنافرين فيجمع بينهما .

 

وخطورة هذه المسألة عظيمة لأنها تؤدي إلى الكفر والخروج من الملة نعوذ بالله من ذلك .

 

قال الله تعالى عن الذين أعرضوا عن الرسل واتبعوا أهواءهم : {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ                لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (1)  .

فهذه الآية دلت على خطورة السحر وتعاطيه وتعلمه وأن ذلك كله كفر ودلالتها على ذلك من وجوه مختلفة :

– الوجه الأول : قوله تعالى : {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ}  فهذا يدل على أن السحر فعل الشياطين ومعلوم أن الشيطان أعظم أعداء الله فإذا كان هذا عمله فهو كفر ؛ لأن الشيطان رأس الكفر وأساس الضلال في هذه الدنيا  .

وهذه الآية لها مناسبة وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام السابقين وذكر من جملتهم سليمان عليه السلام قالت يهود : ما بال محمد يذكر سليمان ولم يكن نبياً إنما كان ساحراً ؟ فكذبهم الله عز وجل في مقالتهم هذه ونصر نبيه ورسوله سليمان عليه السلام ونفى عنه هذه الفرية العظيمة التي افتراها عليه اليهود واليهود قوم بهت كما قال عبدالله بن سلام رضي الله عنه .

 

فنفى الله تعالى السحر عن سليمان عليه السلام من ناحيتين :

الناحية الأولى : أن سليمان عليه السلام ليس بكافر ، قال تعالى : { وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ }.

والناحية الثانية : أن من يتعلم السحر فهو كافر .

فدل هذا من ناحية أخرى على أن السحر كفر من ناحيتين :

– من قوله : { وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ }. أي أنه ليس بكافر حتى يتعاطى السحر وإنمـا هو رسول كريم .

– أن من تعلم السحر فهو كافر .

فمنطوق الآية دفع الفرية عن سليمان عليه السلام ومفهومها أنه لا يتعلم السحر إلا الكفار ؛ لأنهم عباد الشياطين ، قال تعالى : {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (1)  فمن ذلك تزيينه لهم تعلم السحر وتعاطيه .

الوجه الثاني : أن المسلم إذا تعاطا السحر وتعلمه فإنه يكفر ويخرج من دين الإسلام .

ثم قال ربنا عز وجل : {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ } فلأن الشياطين كفرة فهم يتعاطون السحر ويعلمونه الناس ، فالسحر من عمل الشيطان ؛ لأن الشيطان يسعى بالإفساد في الأرض فكان مراده نقيض مراد الله تعالى فالله سبحانه يريد لعباده الصلاح والإصلاح .

ثم حصل في الآية إرشاد إلى شيء آخر قال تعالى : {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ } فهما ابتلاء من الله عز وجل وفتنة والله تعالى يختبر عباده بما شاء فقد يختبر عباده بما هو في الظاهر حرام أو مخالف للشرع ، ومن ذلك تعليم الملكين للسحر فإنه بالنسبة لهما شرع وهو لمن يتعلم عندهما فتنة فتعلم السحر منهي عنه .

 

ومثل هذا ، أمر الله تعالى لإبراهيم أن يذبح ابنه مع انه لم يرتكب خطيئة ومعلوم أن دم المسلم لا يحل إلا بإحدى ثلاث : (( الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة )) (1) فهذا إسماعيل عليه السلام نبي كريم وفي ذلك الوقت عندما أُمر إبراهيم بذبحه كان غلاماً صغيراً فيؤمر إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام أن يذبح ابنه فهو أمر من الله وتشريع في ذلك الوقت ، فكان ذلك اختبار من الله تعالى نجح فيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام فوفى بالكلمات التي أمره الله بها ومنها امتثاله لأمر الله في ذبح ابنه ، فالله تعالى له أن يبتلي عباده ويختبرهم بما شاء : {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (2) .

 

فالملكان أنزلهما الله تعالى إلى الأرض فتنة للناس يعلمون الناس السحر ولكن الفرق بين الملكين وبين الشياطين أن الملكين ناصحان ، وأما الشياطين فهم مفسدون غاشون ، فالملكان إذا أتاهم من يريد أن يتعلم السحر قالوا : { وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا  إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} فهم يحذرونه وينذرونه ، فإن أبى وأصر علموه ما يضره ولا ينفعه .

 

ثم قال تعالى : فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} أي حتى لو تعلموا السحر فإنه لا يضر أحد إلا بإذن الله فهو سبب من الأسباب مرتبط بمشيئة الله الكونية التي لا يتخلف عنها أمر من الأمور ولا مخلوق من المخلوقات فإذن الله في هذه الآية هو حكمه الكوني فلا يـضرون بالسحر أحداً إلا إذا كان قد قدر الله في تقديره الكوني أنه يـضره ، ولذلك ورد في الدعاء : (( أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر )) (1) .

فالإرادة نوعان :

الأولى : إرادة كونية ، وهي التي لا يتخلف عنها أمر من الأمور قال تعالى : { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } (2) وقال تعالى : {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً } (3) .

والثانية : إرادة شرعية ، وهذه قد تتحقق وقد لا تتحقق ، قال تعالى : {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} (1) فالله تعالى أراد من الناس أن يقيموا الصلاة ، ولكن من الناس من يصلي ومنهم من لا يصلي .

 

الوجه الثالث : في قوله تعالى : {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ } نفى الله عز وجل عن متعلم السحر النفع وأثبت الضرر المحض ، وهذا لا يكون إلا بأمر كفر ؛ لأنه ليس هناك ضرر محض إلا الكفر ، فالكفر في تقدير الله الكوني فيه نفع ولكن في ذات الشخص ليس فيه نفع أبداً فلا ينتفي النفع في عمل الإنسان الذاتي إلا إذا كان كفراً ولا يستحكم الضر في العمل الذاتي للمخلوق إلا إذا كان كفراً .

 

الوجه الرابع : قوله تعالى : {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} فإن الله سبحانه وتعالى نفى عنهم الخلاق في الآخرة وهو النصيب فليس لهم في الآخرة حض ولا نصيب وهذا لا يحصل إلا للكافر الخالد في نار جهنم ، أما من له أدنى خير عند الله عز وجل فلا يقال في حقه لا خلاق له في الآخرة .

 

ثم قال تعالى : {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} أي باعوها بالأمر الذي لا نفع فيه ولا فلاح فيه ولا خير يرتجى منه لا في العاجل ولا في الآجل ، وإن حصل لهم في العاجل نوع من المنفعة التي يظنونها إلا أن المآل شر عظيم لا خير فيه أبداً .

فتأمل كيف يتعاطا الإنسان ما فيه هلاكه الأبدي وخسارته العظيمة بتعاطيه الكفر من أجل أن ينفع نفسه كما يزعم ؟ فكيف إذا كان ذلك من أجل نفع غيره ؟

وقد قيل : شر الخلق من باع آخرته بدنياه ، وأشر منه من باع آخرته بدنيا غيره فالبعض يتعاطا السحر من أجل غيره – والعياذ بالله – فيكون قد أهلك نفسه الهلاك الأبدي الذي لا نجاة بعده من أجل غيره ، بل حتى لو قدر أنه ملك الدنيا بأسرها بتعاطيه للسحر فإنها لا تساوي شيئاً مقابل عذاب الله تعالى والخلود في النار .

 

الوجه الخامس : قول لله تعالى :  {إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ  أَتَى} (1) فالله سبحانه وتعالى ينفي الفلاح عن الساحر {وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} وجاء بهذا الفعل وهو ( يفلح ) في سياق النفي وقد قرر العلماء – رحمهم الله – أن هذا السياق يدل على العموم ، فيكون معنى الآية أن الساحر لا يفلح   في العاجل ولا في الآجل ولا في أمر من الأمور ، فإنه يكون بذلك كافراً  – والعياذ بالله – لأن المسلم وإن قل حضه ونصيبه ولو قل فلاحه إلا أنه في الجملة لا يحرم الفلاح بالكلية ، فإذا نفى الله تعالى الفلاح عن شخص بالكلية فهو كافر .

ويؤيد هذا العموم قوله تعالى : {حَيْثُ أَتَى} أي لا يمكن حصول الفلاح له على أي حال لا في زمان ولا في مكان نسأل الله السلامة من الشقاء .

 

وإضافة إلى هذا ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث في هذا الباب ، ومن ذلك قوله فيما رواه أبو هريرة والحسن رضي الله عنهما عن النبي  صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم )) (1) .

 

فالساحر والكاهن وإن كان بينهما فروق إلا أنهما يشتركان في ادعاء علم الغيب وقد قرر الله تعالى في كتابه والنبي صلى الله عليه وسلم في سنته أنه لا يعلم الغيب إلا الله ، فعلم الغيب خاص برب العالمين لا يطلع عليه إلا من شاء من عباده اطلاعاً جزئياً أما الغيب المطلق فلا يعلمه إلا الله عز وجل ، فمن ادعى انه يعلم الغيب أو أوهم الناس أنه يعلم الغيب فقد نازع الله تعالى في خصوصياته سبحانه وتعالى .

 

فمن صدق الساحر أو الكاهن في دعواه ادعاء علم الغيب فقد كذّب الله  ورسوله صلى الله عليه وسلم .

 

وفي أثر ابن مسعود رضي الله عنه قال : (( من أتى ساحرا أو كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم )) (2) .

وأما الذي يأتي الكاهن أو العراف أو الساحر ولكنه لم يصدقه فلا تقبل له صلاة أربعين يوماً ، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة )) (1) . ومعنى هذا أن التوبة تُـحجب عنه ، وقد ورد هذا  في رواية فيها ضعف ، فلو مات في هذه الفترة يموت على الكفر – نسأل الله العافية والسلامة .

 

وقد قرر العلماء أن السحر محرم لذاته وليس لسببه ؛ لأنه لا يمكن أن يتعاون الساحر مع شيطانه حتى يعبد الساحر الشيطان بأنواع من العبادات والطاعات التي هي كفر ، ومن ذلك أن يستعين بالشيطان ويدعوه من دون الله ، ومن ذلك السجود للشيطان ، ومنه تدنيس حرمات الله كتدنيس القرآن أو وضعه في الأماكن القذرة أو الجلوس عليه – والعياذ بالله – وأمثال هذا مما هو كفر .

 

فالسحر محرم لذاته :

– لأنه مناقض للتوحيد ، فلا يمكن للساحر أن يسحر إلا إذا عبد الشيطان  وعبادة الشيطان وتوحيد الله لا يجتمعان ، حتى لو زعم الساحر أنه لا يضر الناس فيقال له : أنت تعاطيت أمراً محرماً لذاته .

– ولأنه مضر بالناس .

وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حرم النشرة ، وهي فك السحر ، فقد سئل صلى الله عليه وسلم عن النشرة فقال : (( من عمل الشيطان )) (1).

والمقصود بالنشرة أن يفك السحر عن طريق السحرة وهذا لا يجوز .

وأما فك السحر عن طريق القرآن فجائز ؛ لأن الله تعالى أنزل جبرائيل وميكائيل عليهمـا الصلاة والسلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سحره اليهودي لبيد بن الأعصم فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت : سُحِرَ النبي صلى الله عليه وسلم  حتى إنه لَيُخَيَّلُ إليه أنه يفعل الشيء وما فعله ، حتى إذا كان ذات يوم وهو عندي دعا الله ودعاه ، ثم قال : (( أشَعَرْتِ يا عائشةُ أنَّ الله قد أفتاني فيما استفتيتُهُ فيه )) . قلت : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : (( جاءني رجلان ، فجلس أحدهُمُا عند رأسي والآخر عند رجلي ، ثم قال أحدهما لصاحبه : ما وجعُ الرجل ؟ قال : مَطْبُوبٌ . قال : وَمَنْ طَبَّهُ ؟ قال : لَبِيدُ بن الأعصمِ اليهودي من بني زُرَيْقٍ ، قال : في ماذا ؟ قال : في مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ . قال : فأين هو ؟ قال : في بئر ذي    أرْوَانَ )) . قال : فذهب النبي صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه إلى البئر ، فنظر إليها وعليها نخلٌ ثم رجع إلى عائشة فقال : (( والله لَكَأنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْـحِنَّاءِ ، وَلَكَأنَّ نَخْلَهَا رُؤوسُ الشياطين )) . قُلتُ : يا رسول الله أفَأخْرَجْتَهُ ؟ قال : (( لا أمَّا أنَا فَقَدْ عافاني اللهُ وشفاني ، وَخَشِيتُ أنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَراً )) . وأمر بها  فَدُفِنَتْ (2)  .

فخشي النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلمين لو عرفوا بما صنع اليهود وأنهم أضروا النبي صلى الله عليه وسلم في جسده لثارت فتنة بين المسلمين واليهود في المدينة .

فالمقصود أن فك السحر بالقرآن أمر مشروع فقد رقا جبريل عليه الصلاة والسلام النبي صلى الله عليه وسلم بالمعوذتين فشفاه الله تعالى ، ولذلك فإن من أنفع العلاج للمسحور هو قراءة القرآن وملازمة الأذكار خاصة أذكار الصباح والمساء فإنها حصانة بإذن الله تعالى من كل عمل خبيث فاسد من السحر وغيره .

وكذلك استخراج السحر من غير أن يذهب إلى السحرة والمشعوذين ، فإذا يسر الله تعالى للمسحور وعرف مكان السحر فيستخرجه ويفكه فهذا جزء كبير من علاج المسحور .

وهناك أيضاً أعشاب طبيعية أوجدها الله لنفع المخلوقين ، فاستعمالها لمن يعرف خصائصها مفيد في حل السحر ، ومن ذلك استعمال ورق السدر فقد ورد فيه آثار عن السلف – رحـمهم الله – خاصة الذي يُربط عن زوجته فعلاجه أن يأخذ سبع ورقات من ورق السدر ويدقها بالماء ويقرأ عليها آيات السحر في سورة يونس وطه وغيرها وفواتح سورة الصافات وآخر سورة الحشر والمعوذات فإذا قرأها واغتسل بالماء فبإذن الله تعالى أنه يفك مما حصل له من ربط عن زوجته .

 

فالـمقصود أن الله تعالى حرم علينا إتيان السحرة والكهان لفك السحر وأبـاح لنا    ما هو أفـضل وهـو القـرآن والأدعية النبوية وما أُذن لنا فيه من الأعشاب الطبيعية  التي تكون سـبـب للشفاء من هذه الآفات (1)  .

والسحرة ورد عن السلف رضي الله عنهم أنهم يقتلون بل في حديث جندب الخير رضي الله عنه  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( حـد الساحر ضربه بالسيف )) وفي رواية : (( ضربة بالسيف )) (1) .

وقد أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه – وهو من الخلفاء الراشدين المهديين الذين أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بإتباع سنتهم – بقتل السحرة ، ومن ذلك أنه أرسل كتاب إلى العمال في الآفاق أن يقتلوا كل ساحر وساحرة فقتل السحرة في زمانه .

 

ومن ذلك أن أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنهما كانت لها جارية فأعتقتها عن دبر (2) فاستعجلت الجارية موت حفصة رضي الله عنها حتى تصبح حرة ، فتعاونت مع السحرة وسحرتها فلما اكتشفت حفصة هذا أمرت بقتلها .

فالمقصود أن السحرة حكمهم في شرع الله أنهم يقتلون ، ولذلك اختلف العلماء :

– هل يقتلون ردة عن الإسلام ؟

– أم يقتلون حداً ؟

والصحيح أنهم يقتلون كفراًَ وردة عن الإسلام ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( من بدل دينه فاقتلوه )) (3) والساحر قد بدل دينه وأظهر في الأرض الفساد ونشر الشر بين الناس .

وبعض الناس يقول أنه يجوز الذهاب للسحرة لفك السحر ، وقد تبين معنا أن السحر محرم لذاته ؛ لأنه مناقض للتوحيد والذهاب إلى السحرة من أجل هذا الغرض فيه إقرارٌ لهم وكيف يُقر من أُمر بقتله ؟

فأولاً : ليس للساحر بين المسلمين قرار ؛ لأنه بمجرد أن يُعرف أنه ساحر يُقتل فالقول بالذهاب إلى السحرة منتقض من أصله .

ثانياً : أن السحر كفر لذاته ، فليس فيه منفعة ولو ادعى الساحر ذلك فقد نفى الله عن الساحر الفلاح فلا يمكن أن يكون عنده نفع ، مثلما ذكر الله تعالى عن الخمر وأنها قد انتفت منافعها لما حرمها الله ، ولذلك قرر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله لم يجعل شفاء أمته فيما حرم عليها (1) في حين أنه أمر بالتداوي فقال صلى الله عليه وسلم : (( تداووا عباد الله فان الله عز وجل لم ينزل داء ألا أنزل معه شفاء إلا الموت والهرم )) وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم : (( تداووا فإن الله لم ينزل داء ألا أنزل له شفاء ، علمه من علمه وجهله من جهله ))  (2) .

في حين يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي ينهى عن التداوي بحرام قال صلى الله عليه وسلم : (( إن الله خلق الداء والدواء فتداووا ولا تتداووا بحرام )) (3) ولما سُئل عن الخمر تصنع للدواء قال : (( إنه ليس بدواء ولكنه داء )) (4) ومعلوم أن السحر أخطر من الخمر .

 

فإذا كان الله تعالى سلب منافع الخمر حتى في الدواء فإن السحر من باب أولى فلا يمكن أن يكون السحر نافع ولا يمكن أن يكون فيه نفع ، وقد قرر العلماء سلفاً وخلفاً أن الذهاب للسحرة والكهان محرم ولا يحل لأحد أن يأتي الساحر أو الكاهن حتى لو كان من باب السؤال فقط ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة )) فهذا نص في النهي عن إتيان السحرة ولو من باب السؤال ، فالعلماء يقررون هذا قديماً وحديثاً ومنهم : الشيخ العلامة الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله – واللجنة والدائمة للإفتاء في زمنه إلى أن مات ، وكذلك الآن اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله  آل الشيخ – حفظه الله ووفقه – ومن معه من العلماء .

 

وللشيخ عبدالعزيز آل الشيخ – حفظه الله – فتوى أخيرة خاصة في الرد على من أجاز الذهاب إلى السحرة لفك السحر ، أن من فعل ذلك فقد أتى باباً من أبواب الشر عظيم .

 

بعد أن بينا في الدرس الأول والثاني خطر السحر وخطر تعاطيه وأن الساحر كافر وأن السحر كفر لذاته وليس لسببه ، نذكر لكم ثلاث قصص فيها عظة وعبرة وهي متعلقة بالسحر .

القصة الأولى :

قال الإمام أبو جعفر بن جرير – رحمه الله – تعالى : أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا ابن وهب أخبرنا ابن أبي الزناد حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : قدمت علي امرأة من أهل دومة الجندل جاءت تبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته حداثة ذلك ، تسأله عن أشياء دخلت فيه من أمر السحر ولم تعمل به وقالت عائشة رضي الله عنها لعروة : يا ابن أختي ، فرأيتها تبكي حين لم تجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشفيها  فكانت تبكي حتى إني لأرحمها وتقول : إني أخاف أن أكون قد هلكت ، كان لي زوج فغاب عني ، فدخلت عليّ عجوز فشكوت ذلك إليها فقالت : إن فعلت ما آمرك به فأجعله يأتيك ، فلما كان الليل جاءتني بكلبين أسودين فركبت أحدهما وركبت الآخر فلم يكن شيء حتى وقفنا ببابل ، وإذا برجلين معلقين بأرجلهما ، فقالا : ما جاء بك ؟ قلت : نتعلم السحر ، فقالا : إنما نحن فتنة فلا تكفري فارجعي ، فأبيت وقلت : لا  قالا : فاذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه ، فذهبت ففزعت ولم أفعل ، فرجعت إليهما  فقالا : أفعلت ؟ فقلت : نعم . فقالا : هل رأيت شيئا ؟ فقلت : لم أر شيئا  ، فقالا : لم تفعلي ارجعي إلى بلادك ولا تكفري ، فأرببت وأبيت ، فقالا : اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه فذهبت فاقشعررت وخفت ، ثم رجعت إليهما وقلت : قد فعلت . فقالا :  فما رأيت ؟ قلت : لم أر شيئا . فقالا : كذبت ، لم تفعلي ارجعي إلى بلادك ولا تكفري فإنك على رأس أمرك ، فأرببت وأبيت ، فقالا : اذهبي إلى التنور فبولي فيه فذهبت إليه فبلت فيه ، فرأيت فارسا مقنعا بحديد خرج مني فذهب في السماء وغاب حتى ما أراه  فجئتهما فقلت : قد فعلت . فقالا : فما رأيت ؟ قلت : رأيت فارسا مقنعا خرج مني فذهب في السماء وغاب حتى ما أراه . فقالا : صدقت ذلك إيمانك خرج منك اذهبي . فقلت للمرأة : والله ما أعلم شيئا ، وما قالا لي شيئا فقالت : بلى ، لم تريدي شيئا إلا كان ، خذي هذا القمح فابذري فبذرت وقلت : اطلعي فأطلعت . وقلت : احقلي . فأحقلت ، ثم قلت : افركي . فأفركت ، ثم قلت : أيبسي . فأيبست ، ثم قلت : اطحني فأطحنت ، ثم قلت : اخبزي فأخبزت فلما رأيت أني لا أريد شيئا إلا كان سقط في يدي وندمت والله يا أم المؤمنين ، ما فعلت شيئا ولا أفعله أبدا .  

ورواه ابن أبي حاتم عن الربيع بن سليمان به مطولا كما تقدم ، وزاد بعد قولها : ولا أفعلها أبدا ، فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حداثة وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يومئذ متوافرون ، فما دروا ما يقولون لها ، وكلهم هاب وخاف أن يفتيها بما لا يعلمه ، إلا أنه قد قال لها ابن عباس أو بعض من كان عنده : لو كان أبواك حيين أو أحدهما .

قال هشام : فلو جاءتنا أفتيناها بالضمان .

قال ابن أبي الزناد : وكان هشام يقول : عنهم كانوا من أهل الورع والخشية من الله ثم يقول هشام : لو جاءتنا مثلها اليوم لوجدت نوكى أهل حُمق وتكلف بغير علم

فهذا إسناد جيد إلى عائشة رضي الله عنها .

فهذه القصة سندها في غاية الصحة وقد أخرجها الإمام أحمد في المسند كمـا ذكر ذلك الإمام ابن كثير – رحمه الله – فقد أوردها في تفسيره (1) .

ففيها : بيان خطورة السحر ، وبيان خشية الصحابة رضي الله عنهم من الله ومن الفتيا بغير علم وتورعهم في ذلك رضي الله عنهم أجمعين .

وفيها : أن الإنسان قد يرتكب الأمور العظيمة التي تضره في دينه ودنيا من أجل تحقيق أغراض فاسدة قد تتحقق وقد لا تتحقق ، وحتى لو تحقق هذا الغرض فإن الخسارة عظيمة وهي خروج المتعاطي للسحر ومن يتعامل مع السحرة ويصدقهم من الإسلام وخلوده في النار .

والقصة الثانية (2) : أن امرأة خطبت فتاة لولدها فرفض أهل الفتاة ابنها ، فأرادت الأم أن تنتقم من هذه الفتاة فدفعت للساحر مالاً ليعمل ما يضر به هذه الفتاة وكانت الفتاة مؤمنة محافظة وبيتهم ليس فيه تلفاز ولا صور ولا موسيقى فبيتهم محافظ على فرائض الله تعالى ، وملازمين لأذكار الصباح والمساء وقراءة القرآن فلم يستطع الشيطان المكلف بالسحر أن يدخل إلى هذا البيت ، فراجعت المرأة الساحر عندما لم يحصل للفتاة عارض ، فقال لها : هذا البيت محصن بذكر الله تعالى ونحتاج إلى مبلغ أكبر حتى نتمكن من الدخول إليه ، وهكذا ثلاث مرات وهي تضاعف لهم المبلغ ولكن عجز الشياطين أن يدخلوا إلى البيت المحصن ، وبعد ذلك انقلب السحر على هذه العجوز وتلبس بها الشيطان فأصبحت في حالة سيئة من المرض والبلاء  .

وفيها : أن البيت الطاهر لا تدخله الشياطين .

والقصة الثالثة (1) :

أن امرأة اختارت لابنها زوجة وبعد ذلك غارت من زوجة ابنها لأنها شعرت أنها استولت على ابنها ، فقامت العجوز بعمل سحر لزوجة ابنها فقلب الله تعالى السحر على ابنها فمات بسبب سحر أمه ثم جنت العجوز بسبب هذه المصيبة التي أوقعت ابنها فيها ففقدت ابنها وفقدت عقلها وأعظم من ذلك أنها كفرت بالله العظيم .

  

فنسأل الله تعالى أن يعصمنا وإياكم من الزلل وأن يحفظنا من الشيطان ومن مضلات الفتن .

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

س/ هل يجوز فك السحر بسحر مثله(1)  ؟

ج/ ذكر الله تعالى حكم السحر في آيات كثيرة من القرآن ، وكفّر الساحر وكفّر تعاطي السحر من وجوه مختلفة ومثل هذا لا يمكن أن يتسامح فيه في الشرع أبداً لأن أمراً يؤدي إلى الكفر وتعاطيه كفر لا يمكن أن يسمح به رب العالمين ولا  النبي صلى الله عليه وسلم .

ولكن التبس على بعض الناس قول أحد التابعين : لا يفك السحر إلا ساحر وأشكل عليهم قضية النشرة وهي فك السحر فظنوا أن النشرة هي فك السحر بالسحر    فسعيد بن المسيب الذي قال : لا يفك السحر إلا ساحر والذين قالوا في النشرة : ما أراد إلا خيراً  كلامهم ليس متوافق بل بينهما تعارض .

فالمقصود بالنشرة : فك السحر بالشيء الذي يجيزه رب العالمين ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد فك السحر عن نفسه بوحي من الله ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما سحر نزل جبرائيل وميكائيل عليهما الصلاة والسلام وأخبرا النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسحور وقرأ عليه جبريل {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} فانفك السحر ثم أخبره بمكان السحر وفي اليوم التالي ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المكان الذي أخبره به فأطلع منه السحر ثم فكه وانحل السحر ، فهذا الذي يجوز في الشرع أن تقرأ القرآن وتبحث عن مكان السحر ثم تفكه وتستعمل ما يجوز من الأدوية المباحة مثل استعمال السدر فإن السدر له تأثير في فك السحر ، فهذه هي النشرة التي تكلم عنها بعض التابعين وأجازوها .

وبعض الناس لما وجد أن التابعين تكلموا عن النشرة وأجازوها ظن أنها هي معنى كلام سعيد بن المسيب الذي قال : لا يفك السحر إلا ساحر .

والحق أن سعيد بن المسيب يتكلم في شيء وهؤلاء يتكلمون في شيء آخر فربطوا ما بينهما .

فلم يقل سعيد بن المسيب – رحمه الله – أن السحر حلال ولا أن فك السحر بالسحر حلال .

والذين قالوا بجواز النشرة ، لم يقولوا أن النشرة الجائزة هي فك السحر بالسحر .

ولكن من أراد أن يجمع بين أقوال التابعين بهذه الطريقة وقع في الخطأ .

أما العلماء الراسخون في العلم – رحمهم الله جميعاً – فقد فرقوا بين المسألتين :

أن النشرة الجائزة هي الأدوية الربانية والأدوية النبوية من القرآن والأذكار  أو بالأدوية الطبيعية التي تجوز .

وأما فك السحر بالسحر فلا يحل بل هو كفر ، فأراد سعيد بن المسيب أن يبين أن تعاطي السحر بفك السحر لا يجيزه صلاح النية ؛ لأنه حَكَمَ عليه بأنه ساحر ومعلوم عنده وعند غيره أن الساحر كافر فهو من باب التهديد لمن ذهب إلى السحرة ومن باب بيان حكم الذهاب إلى السحرة .

فأراد سعيد ين المسيب – رحمه الله – أن يحذر من هذا الفهم من فهم أن النشرة هي الذهاب إلى السحرة وأخبر بحكمها وأن فك السحر بالسحر يعتبر سحراً وفاعله ساحر وحكم السحر معلوم في كتاب الله فلا يحتاج أن يقول بأنه كافر فهو يخاطب أناس يعلمون القرآن ويفهمون أحكامه فهو يخاطب أهل زمانه .

فلما أشكل على الناس قضية النشرة وظنوا أن من النشرة الذهاب إلى السحرة أخبر أن حكم من يتعاطا هذا أنه حكم الساحر ، فمن فسرها بغير هذا فهو إما جاهل وإما مغرض.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

1- سورة البقرة الآية (102)

2- سورة طه الآية (69)

1- أخرجه البخاري في باب : قول الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} برقم (2766) وأخرجه مسلم برقم (89)

1– سورة البقرة الآية (102)

1- سورة غافر الآية (6)

1- أخرجه الإمام أحمد (1/382 الطبعة القديمة )

2– سورة الأنبياء الآية (23)

1- أخرجه الإمام أحمد (3/419 الطبعة القديمة )

2– سورة الإسراء الآية (44)

3– سورة الرعد الآية (15)

1– سورة البقرة الآية (43)

1- سورة طه الآية (69)

1– أخرجه الإمام أحمد (2/429 الطبعة القديمة )

2– أخرجه البيهقي في الكبرى (8/136) وهذا الأثر له حكم الرفع لأنه ليس مما يقال بالرأي

1– انظر صحيح مسلم برقم (2230)

1- أخرجه الإمام أحمد (3/294 الطبعة القديمة )

2– انظر صحيح البخاري باب : السِّحْرِ برقم (5765) وأخرجه مسلم برقم (2189)

1- الشذاب : ينفع في علاج الممسوس

1– أخرجه الترمذي في باب : ما جاء في حد الساحر برقم (1460)

ومن العلماء من يجعل هذا من كلام جندب t ، ولكن هذا لا يمكن أن يقوله من عند نفسه

2– عن دبر : أي إذا قال السيد لمملوكه : إذا أنا مت فأنت حر

3- أخرجه البخاري في باب : لا يُعذبُ بِعَذَابِ الله برقم (3017)

1- علقه البخاري في باب : شراب الحلوى والعسل : وقال ابن مسعود في السَّكَرِ : (( إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم ))  وأخرجه ابن حبان (4/233)

2- أخرج الروايتين الإمام أحمد (4/278 الطبعة القديمة )

3–  أخرجه الطبراني في الكبير (24/254)

4– أخرجه مسلم في باب : تحريم التداوي بالخمر برقم (1984)

1- انظر تفسير ابن كثير (1/198) طبعة دار السلام بالرياض — ودار الفيحاء بدمشق

2– حدثني بها أحد الإخوة الذي يرقى المرضى عندما جاءت إليه هذه العجوز تطلب الرقية فنطق الشيطان على لسانها واخبر بالسبب الذي من أجله تلبس بالعجوز

1– هذه القصة مرت علينا ونحن في الإفتاء .

1- انظر إجابة السائل فيما أشكل عليه من المسائل (1/34- 35)  فتاوى العقيدة