شروح الحديث

الحديث العاشر

 

بسم  الله والحمد  لله  والصلاة والسلام على  رسول  الله وعلى  آله وأصحابه ومن والاه   وبعد  

 

الحديث العاشر :

 

فعن  أبي هريرة  رضي الله عنه قيل  :  يا  رسول  الله  من  أكرم  الناس ؟ قال : (( اتقاهم ))  فقالوا : ليس عن هذا نسالك . قال : (( فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله ))  قالوا :  ليس عن هذا نسالك . قال : (( فعن معادن  العرب تسألوني ؟  خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ))  متفق عليه .

 

الناس  يسألون  النبي صلى الله عليه وسلم  أصحابه y  يسألون  : من  أكرم الناس ؟

فبين  النبي  صلى الله عليه وسلم  الكرامة  الحقيقية  وأنها  بالتقوى  كلما  زاد  الإنسان  في  تقواه   لله  عز وجل   وهو خوفه من الله وخشيته من الله والعمل بما أنزل الله واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم التقدم بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .

هذه هي حقيقة التقوى  والاستعداد للرحيل من هذه الدنيا إلى لقاء الله والآخرة .

 

قال : (( أتقاهم )) أي : العامل بهذه المقتضيات والمعاني العظيمة قال : أكرم الناس هم أتقاهم . قال الله عز وجل : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ  }[1] .

 

قالوا : ليس عن هذا نسألك . إذاً يسألون عن شيء آخر ما هو ؟ قال : (( فيوسف نبي الله )) من أكرم من الأنبياء ؟ لا أحد أكرم من الأنبياء عليهم السلام .

فيوسف نبي ابن نبي فأبوه يعقوب نبي ، وابن نبي الذي هو إسحاق فإسحاق نبي ويعقوب نبي ويوسف نبي ذرية بعضها من بعض ، يوسف بن يعقوب بن إسحاق ابن خليل الله ، من هو خليل الله ؟ إبراهيم u .

فهذا نسب لا أكرم منه في الدنيا يوسف نبي الله وأبوه يعقوب نبي الله وأبوه إسحاق نبي الله الذي هو جد يوسف ، وأبو إسحاق إبراهيم خليل الله .

فإذاً هذا أكرم الأنساب .

قالوا : ليس عن هذا نسألك ، إذاً هم يسألون عن شيء يخصهم .

قال : (( فعن معادن  العرب تسألوني ؟ )) أي : قبائل العرب .

فالخيار عند الله عز وجل إنما هو بعمل الخير وفعل الخيرات واجتناب المنكرات هذا هو الميزان عن الله ، ليس بالألوان ولا بالأسماء ولا بالعشائر ولا بالقبائل وإنما بالعمل فكلما كان العمل مبروراً  محبوبا لله عز وجل كان صاحبه مكرما عند الله عز وجل .

  قال : (( خيارهم في الجاهلية ))  الذين يفعلون الخيرات يكرمون الضيف ويغيثون الملهوف ويدافعون عن المظلوم هؤلاء هم خيار الناس في الجاهلية فبالتالي من أسلم من العرب فخيارهم في الجاهلية هم خيارهم في الإسلام الذين يبقون على تلك الأخلاق الحميدة التي تشكر للعرب في جاهليتهم ويضاف عليها ما هو أعظم من ذلك وهو أنهم أسلموا وصدقوا الرسول واتبعوا ما أنزل الله عليه في كتابه وعملوا بتقوى الله وعملوا بطاعة الله فهم خيار على خيار .

ولذلك كان بنوا هاشم وهم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم هم أكرم الناس في الجاهلية وفي الإسلام ولذلك وردت الوصية بهم في كتاب الله وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فهم أكرم الناس .

فإذا أراد الإنسان أن يكون كريما عند الله فعليه أن يلتزم تقوى الله فإن الله يكرم أهل التقوى ويرفع مقامهم في الدنيا والآخرة .

نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المتقين وهم العاملون بطاعة الله والمبتعدون عما حرم الله والمحكمون كتاب الله في أنفسهم وفي أموالهم وفي أهليهم والذين لا يتجاوزن ما حد الله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ويحرصون على أن يتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأعماله حذو القذة بالقذة حتى لا ينحرفوا عن الأمر الرشيد الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 

نسأل الله أن يرزقنا وإياكم التقوى والعمل بما يرضيه سبحانه وتعالى .

 

وصلى الله وسلم وبارك على  نبيه محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

1- سورة الحجرات الآية (13) .