شروح الحديث

الحديث الحادي عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الحديث الحادي عشر :

وعن أبي عمرو وقيل أبي عمرة سفيان بن عبدالله رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله  قلي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك . قال : (( قل آمنت بالله ثم استقم )) رواه مسلم .

فهذا صحابي رضي الله عنه يريد أن يقول له النبي صلى الله عليه وسلم في الإسلام قولا يتمسك به حتى لا يزيغ وحتى يلقى الله عز وجل والله راض عنه .

كأنها كثرت عليه الشرائع والأوامر والنواهي فأراد أن يختصر له النبي صلى الله عليه وسلم أمراً يتمسك به فيسلم وينجو عند الله فهذا يدل على حرصه على سلامة نفسه بين يدي الله وعلى يقينه بأنه سيلقى الله وأن الله سبحانه وتعالى سيجازيه بعمله في هذه الدنيا فيريد أمراً يتمسك به حتى يلقى الله عز وجل وهو راض عنه فيدخل الجنة وينجو من عذاب الله .

النبي صلى الله عليه وسلم أجابه :  (( قل آمنت بالله ثم استقم ))  هاتان الكلمتان جمعتا الإسلام والإيمان والإحسان باطنا وظاهرا ، سبحان الله .

النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه الله جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصارا وهذا منها فإنه بهاتين الكلمتين اختصر الإسلام والإيمان والإحسان في هاتين الكلمتين : (( قل آمنت بالله ثم استقم )) .

وكلمة : (( آمنت بالله )) فيها قول القلب وعمل القلب :

– قول القلب : العلم والتصديق والإقرار ، هذا قول القلب ولكل معناه .

–  وعمل القلب : هو الإخلاص وحب الله والخوف من الله والرجاء والتوكل والإنابة والخشية ، كل هذا عمل القلب ، فإذا عمر القلب بهذا العلم وهذا العمل القلبي فإنه بعد ذلك ينعكس على الجوارح .

(( ثم استقم )) أي : استقم على ما دلت عليه هذه المعاني القلبية من أقوال وأعمال القلب ، استقم على الأوامر الظاهرة وهي ما فرضه لله على عباده من الفرائض وما حرم عليهم من المحرمات ، فاستقم على أمر الله  .

هذه هي خلاصة الإسلام وهي حقيقة الإسلام وهي الأمر الذي من تمسك به نجا ومن ضل عنه هلك .

انظر إلى عظمة كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى ما جمعه الله له في الكلمة الواحدة من المعاني العظيمة الجليلة ، جمع صلى الله عليه وسلم الإسلام والإيمان والإحسان في كلمتين .

فإذا عرف العبد هذا فما بقي عليه إلا أن يستقيم وأن يثبت بسؤال الله أن يثبته وأن يعينه  فإنه  بذلك  يكون قد  حقق  الإسلام  والإيمان  والإحسان  ويكون  عند  الله  عز وجل بأعظم المنازل .

جعلنا الله وإياكم من أهلها .

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .