شروح الحديث

الحديث الثاني

 

الحمد  لله  رب  العالمين والصلاة والسلام على عبده ورسوله الصادق الأمين وعلى آله  وأصحابه  أجمعين                                                            أما  بعد :

 

الحديث الثاني :

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :  ((  والله إني لأستغفر  الله وأتوب  إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ))  رواه البخاري .

 

وعن الأغر بن يسار المزني  رضي الله عنه  قال :  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((  يا أيها الناس توبوا  إلى الله واستغفروه  فإني  أتوب  في  اليوم مائة مرة )) رواه مسلم .

 

المطلوب  من  المسلم أن يؤوب  إلى  الله  ويلجأ  إلى الله  ويتحلل من ذنوبه قلبا  وعملا فأما  بالقلوب فبالندم  :

– الندم  على ما فرط فيما أوجبه الله عليه او مما قصر  فيه من الأعمال  الظاهرة .

– والندم على ما ارتكب من المحرمات .

 فعليه أن يتوب إلى  الله  عز وجل وأن  يكثر من الاستغفار  ،  الله عز وجل يقول : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ }[1] .

 

والنبي صلى الله عليه وسلم  امتثل أمر الله  وكما  سمعنا  في حديث أبي هريرة رضي الله عنه وحديث الأغر المزني رضي الله عنه أنه كان يستغفر الله كثيرا  في  المجلس الواحد كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما : (( يُعد له )) أي  : الصحابة y يعدون له صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد أكثر من مائة مرة يقول : ((  رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الغفور )) .

 

وهذا  حديث أبي هريرة رضي الله عنه يقول : ((  والله إني لأستغفر  الله وأتوب  إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ))  .

وذكر سبعين إنما  هو  على سبيل التكثير وليس المقصود  الحصر أنه لا يستغفر الله إلا بهذا العدد ولكن  المقصود الكثرة وأنه يكثر من الاستغفار   هذا وقد  غفر  الله له ما تقدم من ذنبه  وما تأخر صلى الله عليه وسلم وأعطاه ما لم يعط أحدا من العالمين  .

 

وبالتالي فعلى  المسلم أن يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم  ويقتدي به فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم غُفرت ذنوبه  وهو  صلى الله عليه وسلم ليس عنده ذنوب  لكن  الله سبحانه وتعالى يرفع بذلك قدره ويُعلي شأنه بكثرة عمله وكثرة استغفاره .

فإذا  كان هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم  ويسمع أصحابه الاستغفار  في المجلس الواحد بهذا العدد وأكثر فنحن نتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم ونقتدي به  ونحن الخطاؤون المذنبون  فأولى أن نحرص  على كثرة  الاستغفار  وكثرة التوبة  وكثرة  الإنابة  والرجوع  إلى الله  عز وجل  : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ }[2] .

 

فهذا أمر الله علينا وكذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في هذا  الحديث حديث الأغر بن يسار المزني : ((  يا أيها الناس توبوا  إلى الله  ))

والله  سبحانه  وتعالى  أمرنا  بالتوبة  في  كتابه  وجعلها  من  خصال  المسلم العظيمة التي  يكفر  الله  بها  سيئاته  ويرفع  بها درجاته وكلنا  خطاء وخير  الخطائين التوابون  كما  في  الحديث  الصحيح : (( كل ابن آدم  خطاء  وخير الخطائين التوابون )) .

 

ثم  يحصل المسلم  على  شيء عظيم إذا تاب إلى  الله من ذنوبه  سنذكره إن شاء الله في الحديث الثالث .

 

 

1- سورة محمد الآية (19) .

2- سورة التحريم الآية (8) .