شروح الحديث

الحديث الثالث

 

الحمد  لله والصلاة والسلام على رسول الله  وعلى آله  وأصحابه  أجمعين 

 

الحديث الثالث :

عن  أبي حمزة  الأنصاري أنس بن مالك رضي الله عنه قال  : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((  لله  أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره  وقد  أضله في أرض فلاة ))  متفق عليه .

 

وفي  رواية لمسلم : ((  لله  أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان  على  راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه  وعليها طعامه وشرابه فأيس منها  فأتى شجرة فاضطجع في ظلها  وقد أيس من راحلته  فينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها  ثم قال من شدة الفرح : اللهم  أنت عبدي وأنا ربك . أخطأ من شدة الفرح ))  .

سبحان الله العظيم  الله  غني  عن  العالمين  ليس في حاجة إلى أحد ومع ذلك فالله سبحانه وتعالى  بفضله ورحمته  يفرح  بتوبة العبد لأنه لا يريد بعباده إلا الخير  لا  يريد لهم الهلاك ولا يريد لهم شر  الله  لا  يريد بعباده إلا  الخير  .

ولا  يهلك على الله إلا هالك  كما في الحديث الصحيح : ((  ولا  يهلك على الله إلا هالك )) ولا يهلك  على  الله إلا من شرد شُراد البعير  الضال .

فلنكن توابين ومستغفرين  نتوب  إلى  الله ونؤب  إليه  ونتنصل  ونتخلى  عن ذنوبنا  ونقلع  عنها  ونلجأ  إلى  الله  فإن  الله يفرح بذلك  وإذا فرح  الله بتوبة عبده فإنه يرفع درجاته ويكفر سيئاته  ويغفر ذنوبه .

ولا غنى للعبد عن  الله طرفة عين ولا أقل من ذلك  فكيف  ونحن في قبضته  نواصينا بيده  حكمه وقضاؤه فينا ماض  فأي  حيلة  لنا  في  النجاة  إذا  تخلى  عنا  ربنا  الرحيم الكريم الودود .

 فلماذا  نشرد  عن  الله  ولماذا  نتبع  أنفسنا  هواها  ونتقحم  المعاصي والذنوب سواء بالقلوب  أو  بالأعمال   والأقوال  ، فلا حول ولا قوة إلا  بالله .

الشيطان  أقسم أمام  رب العالمين بأن يقعد لعباده على  الصراط  المستقيم ،  أي  :  يصدهم  عن  الله  وعن  امتثال  أمره  وعن  طاعته فيهلكهم  بذلك  .

والله  لا  يريد  لعباده  الهلاك ولكن  إذا  أعرضوا  عنه  ورضوا بتسويلات الشيطان عدوهم  الذي  تهددهم  وتوعدهم بأن يضلهم  ويوم  القيامة  عندما  يردون  النار معه  يقف فيهم  خطيبا  كأنه  شامت  يشمت بهم يقول : {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ }[1] .

فهو  يتخلى  عن  أوليائه  وعن  من  أطاعه  في  أحوج ما يكونون  إلى  المعونة والمساعدة  ومن  أين لهم المساعدة  والمعونة  وقد تخلوا عن أمر  الله  فتخلى  الله عنهم  لا  حول  ولا قوة إلا  بالله .

فعلينا  أن نلجأ  إلى الله  ونكثر من التوبة  والندم  والاستغفار ، الله  المستعان  ولا  حول  ولا  قوة إلا  بالله .

وصلى  الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله  وصحبه أجمعين .

 

 

1- سورة إبراهيم الآية (22) .