س609/ لو أمكن تشرح لي صفة الغسل كاملة .

ج/سأذكر لكم حديث ميمونة رضي الله عنها  في وصفها  لغسل النبي صلى الله عليه وسلم من  الجنابة :

قالت :  كان  يبدأ فيغسل كفيه ثلاثا  ،  ثم  يأخذ الماء بيمينه  ويغسل  ذكره  حتى  ينقيه ، ثم يمسح يده بالجدار  –  لم  يكن  عندهم  صابون  ولا  غيره  فيمسحها حتى يخرج ما علق بها –  ثم  يغسل كفيه ثلاثا  ثم يتمضمض ويستنشق  ويستنثر  ثم يغسل وجهه ثلاثا ثم يديه إلى المرفقين  ثم يمسح برأسه  ثم  يغرف  بيديه  من  الماء  ثلاث  غرفات  ويغسل رأسه  حتى يصل الماء إلى شؤون  الرأس  –  يعني  يخلل الشعر  حتى  يصل  إلى  البشرة –  ثم يفيض  على جسده  الأيمن ثم  جانب جسده الأيسر  ثم   يتنحى  عن مغتسله  فيغسل قدميه .

قالت : (( ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِالِمنْدِيل فَرَدَّهُ )) [1] وفي رواية : (( لم يرده )) يعني لم يتمسح  بعد  الغسل

هذه  صفة  غسل النبي صلى الله عليه وسلم  من  الجنابة  ،  ثم  بعد  ذلك   يخرج  فإن  كان  وقت  صلاة  خرج  إليها  وإذا  كان  في غير وقت صلاة  خرج من  مغتسله .

هذه  هي  صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم  ،  وهذا  المعنى  ثابت  عن  أم  المؤمنين  عائشة  رضي  الله عنها  وهي  الصفة  الكاملة  للغسل  من  الجنابة

السائل /‌‏غسل النبي صلى الله عليه وسلم ورد بصفات متعددة فهل يلزم المسلم تتبعها أو يكفيه طريقة واحدة ؟

الشيخ/ لم  أفهم  هذه العبارة ؛ لأن  الأحاديث التي في الصحيحين  هي بمعنى  حديث  أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها وليس هناك شيء مخالف لما ورد في حديث ميمونة  فكل  الأحاديث التي  في  الصحيحين عن أم المؤمنين ميمونة  وأم المؤمنين عائشة  كلها  بنفس  المعنى  الذي  ورد  في  حديث ميمونة

فماذا تقصد بتعدد الصفات والطرق ؟

حتى لو هناك صفات وردت في غير الصحيحين فلا يقدم على ما في  الصحيحين شيء ، والذي  ذكرته  لكم هي الصفة  الكاملة الوافية التي هي  أفضل   الصفات  في  الغسل  من  الجنابة  ، ولا  يمنع  جواز  ما هو  أقل  من  هذا ولكن أنا أردت أن أذكر لكم صفة الغسل الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم  في  الصحيحين

السائل /قرأت هذا الحديث وليس فيه غسل الذكر فظننت أنها طريقة أخرى : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اغتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيهِ، وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اغتَسَلَ، ثُمَّ يُخَلِّلُ بِيَدِهِ شَعرَهُ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّه قَد أَروَى بَشرَتَهُ، أَفَاضَ عَلَيهِ المَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ )) .

الشيخ / هذا  الحديث  مختصر

وبعض الأحاديث الأصل  فيها  أنها  مفصلة ثم المؤلف يختصر  الحديث لكون أصله  معروف  ، فيختصره  المحدث  لأغراض  مثل أن  يبوب  تبويب  فيذكر  مكان  الشاهد  الذي  يريده  لهذا التبويب فقط  فيورد  الجزء الذي يشهد  للتبويب  الذي بوب عليه   ،  وهذه  طريقة  البخاري  – رحمه  الله .

وهي جادة عند المؤلفين أنه إذا  ألف يختصر ولو تقرأ كتب الأحكام  تجد  أنه  يقتطع  جزء من الحديث يكون شاهداً لما  بوب  عليه   فهذا  يسمى  الاختصار  يذكر مكان الشاهد  .

فهذا  الحديث  الذي  ذكرته  في  سؤالك هو  من  هذا الباب هو مختصر  وإلا فالأصل هو على  ما  بينت  لكم في  حديث أم المؤمنين  ميمونة رضي الله  عنها ،  وكذلك  حديث أم  المؤمنين  عائشة رضي  الله عنها في الصحيحين بنفس  ألفاظ  حديث أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها أو قريبا منها ، فهذا الاختصار لا يضر ولا يشكل على الأصل والحديث الذي ذكر مفصلا

كون  الحديث  ذكر  مفصل ثم  في  مكان  آخر أراد  المحدث  يذكر  شاهدا   لما بوب عليه  يختصر  الجزء الذي يريد ويكون شاهداً لما بوب عليه ويكتفي به  لأن  الحديث  أصله  معروف  ومحفوظ

السائل /من كان يجهل هذا هل يأثم ؟ وفي السابق كانوا يغترفون من الإناء والآن حل محلها الدش ، فكيف نصنع ؟

الشيخ /الوارد  في  صفة  غسل النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث أمهات المؤمنين رضي  الله عنهن  هو  الأكمل  والأفضل  ،  ولا  يعني   أنه  إذا  نوى  غسل  الجنابة  فلا  يجزئ إلا بهذه الطريقة  .

الغسل  منه  ما هو  مجزئ  يرفع  الجنابة .

ومنه  ما  هو  أفضل  فيه  فضيلة  فالأفضل  والأحسن  هو  أن  يطبق المسلم  سنة النبي صلى الله عليه وسلم اقتداء  بالنبي  صلى الله عليه وسلم وحبا  في سنته  لأنه يؤجر  على  هذا   إذا  اغتسل  مثل ما اغتسل  النبي  صلى الله عليه وسلم  بهذه النية  بنية أن يتأسى  برسول الله صلى الله عليه وسلم وأن  يتبعه  في  طريقته  فلا  شك  أن هذا بأعلى  المنازل  وأنه   يثاب  على  الغسل  من  الجنابة وعلى  هذه  النية  الصالحة  نية  الاقتداء  بالنبي صلى الله عليه وسلم  وأن  يفعل  كفعل  النبي صلى الله عليه وسلم  هذا  هو  الأفضل   والأحسن  والأكثر أجرا .

لكن  لو  نوى  أن  يغتسل  من  الجنابة  ودخل  تحت  الدش  وعمم  جميع  البدن  بالماء  وخلل  شعره  وتمضمض واستنشق واستنثر   واكتفى  بهذا  فإنه  ترتفع  عنه  الجنابة  ويصلي بهذا  الغسل  وهذا غسل مجزئ  .

لكن  الأفضل  الأحسن  والأكثر  أجر  أن  يفعل  مثل ما  فعل  النبي  صلى  الله  وسلم

لما  نُسأل  في الفوائد  أو في  غيرها  فإنا ندل المسلم  على  أفضل  ما يكون  وأحسن ما يكون  ولا يعني  أن  أقل من هذا لا يجزئ ،  لا .

ولكن  أهل  العلم   إنما  يجيبون  بما  هو  أفضل  وأحسن  وأكثر  أجراً  للمستفتي  إن  تيسر  له  ،  وإن  لم  يتيسر  له  فإنه  يجزئه أن يعمم جسده بالماء ويتمضمض ويستنشق  ويستنثر ويكفيه

 

1- أخرجه البخاري برقم (249)