س473/أنا اقرأ في كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ويشكل عليّ بعض الأمور ، وأريد أن تشرح لي معنى كلام شيخ الإسلام التالي . قال شيخ الإسلام – رحمه الله – :

س473/أنا  اقرأ  في  كتاب  فتح  المجيد شرح كتاب التوحيد ويشكل عليّ بعض الأمور ، وأريد أن تشرح لي معنى كلام شيخ الإسلام التالي .

قال شيخ الإسلام – رحمه الله  – :

المضاف إلى الله تعالى إذا كان معنىً لا يقوم بنفسه ولا بغيره من المخلوقات وجب أن يكون صفة لله تعالى قائمة به ، وامتنع أن تكون إضافته إضافة مخلوق مربوب ، وإذا كان المضاف عيناً قائمة بنفسها كعيسى وجبريل عليهما السلام وأرواح بني آدم امتنع أن تكون صفة لله تعالى ؛ لأن ما قام بنفسه لا يكون صفة لغيره ]

المعنى يكون قائماً بنفسه أو غير قائم بنفسه ، ومعنى ذلك أن الذي يكون قائماً بنفسه هو الشيء الذي يشاهد ويرى ويظهر ، مثل الجسد ، ومثل البيت ، ومثل الناقة ، وما أشبه ذلك ؛ لأنها ترى وتشاهد وتشغل مكاناً ، فهي قائمة بنفسها

أما الشيء الذي لا يقوم بنفسه فمثل السمع والبصر والكلام والقدرة والإرادة وما أشبه ذلك من المعاني لأنه لا يوجد كلام مستقل بنفسه من غير متكلم ، فكل ما جاء من هذا القبيل – أي : الشيء الذي لا يقوم بنفسه – مضافاً إلى الله يكون صفة له جل وعلا

أما الشيء الذي يقوم بنفسه مثل الناقة والبشر والملك وغير ذلك فإضافته إلى الله – كما سبق – إضافة تشريف ، وتكون إضافة مخلوق إلى خالقه تعالى وتقدس أضافه إليه تشريفاً له وتكريماً .

قال – رحمه الله تعالى – عن شيخ الإسلام : [ لكن الأعيان المضافة إلى الله تعالى على وجهين :

أحدهما : أن تضاف إليه لكونه خلقها وأبدعها ، فهذا شامل لجميع المخلوقات ، كقولهم : سماء الله وأرض الله ، فجميع المخلوقين عبيد الله ، وجميع المال مال الله .

والوجه الثاني : أن يضاف إليه لما خصه به من معنى يحبه ويأمر به ويرضاه ، كما خص البيت العتيق بعبادة فيه لا تكون في غيره ، وكما يقال في مال الخمس والفيء ….

ج/ هذه  العبارة  من  كلام  شيخ  الإسلام  ابن  تيمية  – رحمه  الله – أوردها   شارح  كتاب  التوحيد  في  سياق  رده  على  من  زعم   أن  عيسى  إله  أو  هو  ابن  الله  ويستدل  بعضهم  بقوله  في  الحديث   : (( وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ … ))[1] فهم  يقولون   أنه  أضافه   إلى  الله   حين  قال : (( وَكَلِمَتُهُ ))  فبين  شيخ  الإسلام   أن  المضاف   إلى  الله إما   أن  يكون  معنى  لا  يقوم   بنفسه  ككلام  الله  فهو  معنى  لا  يتمثل   بأمر  محسوس  له  كيان  في   خارج  الذهن ، فهذا  إذا  نسب  إلى  الله   في  القرآن   أو  كلام  النبي  صلى الله عليه وسلم  فهو  صفة  لله  تعالى

وأما   إذا   كان  هذا  المضاف   إلى  الله وصف  لما   يقوم   بذاته   وله  وجود  في  خارج  الذهن   فهو  مخلوق  مثل   كعبة   الله   وبيت  الله   وأمثال  ذلك

ومثله : (( وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ … )) فعيسى  ليس  هو  الكلمة  ؛ لأن  الكلمة  لا  تقوم  بنفسها   وليس  لها  كيان  في  خارج  الذهن  ولكن  عيسى  مخلوق  بهذه  الكلمة كغيره   من  خلق  الله

وتخصيصه  بذلك  في  الحديث  من باب إظهار فضله  وعلو  مكانته  عند  الله وإلا فهو عبد  من  عباد  الله  الله  خصه  الله  بأن  خلقه  بهذه  الكلمة  من  غير  أب

 

1- أخرجه البخاري برقم (3435) طبعة بيت الأفكار